قراءة في حكايات بعض من سير التعب - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

السبت، 19 أغسطس 2017

قراءة في حكايات بعض من سير التعب

الذاكرة هي التاريخ .. التاريخ هي تلك المحصلة المعرفية والحياتية في الوجود.

)كل تجربة لا تقتلني  تغنيني (مثل عربي

كتاب" من حكايات سير التعب " للأديب محمد السنوسي الغزالي
الناشر : مجلسالثقافة العام
عدد الصفحات :مائتان وست صفحات
يحتوي الكتاب علىمقدمة جميلة بقلم الكاتب والقاص: محمد المسلاتي   قال: ص (5) ( الكاتب محمد السنوسيالغزالي بخوضه لتجربة الحكاية يجدِّد ذاكرتنا لتنفتح على زمن لم يكن لنعيشه لو لميتقمص حالة (الحكــــــــــي ) . 

ثم يأتي بعدالمقدمة امتنان للمؤلف ثم المبتدأ الذي بدأه الكاتب بأنه إلى والده الذي حمله هذاالتعب ، وإلى الأب الروحي: الصادق النيهوم وإلى محمد المالكي وإلى أحمد الفيتوريوإلى كل الأحباء  مدهش هذا الوفاء لكل من تعلم منه
 .
ثم المدخل الذيأشار إلى أن التعب المتسلسل يحتاج إلى مقام طويل !! ص (13) ثم البدء فمعظم الأحداثفي فترة الخمسينات والستينات في ليبيا ، وأختار لكم ص (17) (كان الوقت قبل الغروبفي الخمسينيات ..هذا الوطن أشبه بخربة قديمة مشهورة !! لكنه كان وما يزال محبوبًاهو وشوارعه الدافئة ..).
واسمحوا أن اختارلكم أيضًا حادثة رواها له والده فقال ( إنه ذات مرة مر رجال في قافلة على نجع فيالجبل الأخضر فوجدوا النساء يبكين ويندبن .. سأل أحد رجال القافلة شابًّا واقفًابالقرب من النجع :من الميت في هذا النجع  ؟ قال الشاب : ما من أحد ميت إنه مأتمي ..)
قد يكون ذاكالفتى مخبولاً أو مجنونًا .. فهو الميَّت الحيّ.. فلا تخلو الحكاية من طرافةٍ ظاهرة ..!  
وبدون أدنى شك كلجيل يكتب عن تجربته .. وهذه فرادة في ذاتها في التعامل مع الإبداع ، وأرغب فيالإفضاء إليكم دون تعنت ، فالكاتب قد جسَّد إحساسه الصادق ورؤاه العصية - دعونيأصوغ هذه الحقيقة ، الكاتب شديد الالتحام بتجربته الخصبة ، فمن البدهي أن يلجأ إلىالحنكة في السرد الممتع والبسيط - لكي يغدق لنا الكاتب من ذاكرته بطريقة متميزة منخلال سيرته الذاتية وقد لوَّنها بلون قوس قزح ليدخلنا فضاءات  الحكاية ،  بما فيهامن بساطة وجمال ؛ فقد رسم لنا بعض سير التعب من سيرته الذاتية رسمًا دقيقًاومذهلاً  من خلال ملامح الحياة التي عاشها في غضون طفولته بكل ما فيها من التقاليدوالعادات والفقر المدقع ، فخلق لنا أجواءً مليئة بالعطاء والعلاقات المربوطةبالمحبَّة والودِّ والعفويَّة والصدق النابع من مجتمع ذاك الزمان الجميل  ..أختارلكم ص (79)  جزء من حكاية بيت مسكون بالبركة !! ( استجمع الرجل قواه ومسح عرقهبمنديل أحمر وقال:
-إنالمنزل مسكون بالأرواح .. توجد به غولة تخرج في منتصف الليل وترمي  شرارات ناريةعلى ساكني المنزل ، ولذلك هجروه وانتقلوا ورغبوا في بيعه مع قول الحقيقة للشاري ،مهما كان الثمن حتى ولو بقي البيت بدون بيع مدي الحياة.

-  سيرةمشوقة تبهر القارئ ، وتثير فيه الدهشة في زمن لم نعشه ، كما أني أدعو دعوة صغيرةجدًّا.. لكتاب المسلسلات التلفزيونية بالكتابة عن هذه الأحداث المثيرة في تلكالحقبة  إبَّان نهاية الحرب العالمية الثانية في ليبيا أسوة بالمسلسلات السوريةوغيرها حتى نتعرَّف ويعرف الآخرون ماضينا ، فالذي ليس له ماضٍ لن يكون له مستقبل ... والله الموفق.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق