كانت
حسنةَ الوجهِ .. ناعمةً .. رقيقةً .. منذَ أكثرَ من عشرينَ عاماً ظلَّت
والدتها تستعدُّ لزواجِها ؛ لكنَّ النصيبَ لم يطرقْ بابَها ككثيراتٍ
غيرها.
أتت إليه بعدَ إلحاح الأقارب والأصدقاء ليفكَّ عنها ( السحر ).
طلبَ
من أمِّها الخروجَ لتبقى معه بمفردِها..
هي
إنسانةٌ مثاليَّةٌ .. لكن ماذا عليها أن تفعل ..!؟
تقتربُ من سنِّ اليأس .. يبعثُ الإحباطُ في
نفسِها أسىً قاتلاً ، ويثيرُ كوامنَ العذابِ في أعماقِها المشتعلة ..
جاءته .. كما الأخريات .. فتح ستارة
بيضاء يختفي وراءها باب لغرفة حمراء كاتمة للصوت .. أحكم
إغلاق الباب .. اقترب منها رويداً .. رويداً تلاحقت
أنفاسه..
همس لها قائلاً:
- لا تخافي .. إيَّاك والتخوَّف .. وفكِّري فيَّ الآن .. اللحظة التي نعيشها .. إن
كنت ترغبين الزواجَ فإنَّ هذا العملَ سيخلِّصُكَ منَ السحرِ
وتتزوَّجينَ .
تأمَّلها
بعمقٍ .. ثم كلَّمها
بصوتٍ جهوريٍّ واضحٍ ، أمسك صدغيها .. وراح يهزُّ رأسها
يميناً ويساراً ..
ارتجفت
.. راحت تتخبَّط محاولة الإفلات من بين يديه .. أصيبت بنوبة
هستيريَّةٍ حادَّةٍ ..
لكنه
يعرف جيداً كيف يتعامل مع ضحاياهُ ، فهي ليست المرة الأولى التي قام بها بهذا العمل.
وهي
من المئات اللاتي أتين إليه لفكِّ عقدةِ السحر رغبةً في الزواج
..
انتهى
بها حتى استكانت له .. هدَّأ من روعها .. قال لها بحنوٍّ مصطنعٍ:
- لماذا تبكين .. !؟ أؤكِّد لك بأنك سليمة .
قالت
له من بين دموعِها الساخنةِ:
- إنَّ الذي حدث مستحيل .
قالَ
بسخريَّة واحتقارٍ:
- أما هذا الذي كنتِ تبغينه ..!؟
خرجت
مرتبكةً تجرُّ وراءَها عمراً مثقلاً بالوجعِ ، وكلامِ الناسِ .. وشبحِ الفضيحةِ ؛
وهيَ لا تجرؤ على أن تتفوَّهَ بما حدث لها في الغرفةِ الحمراءِ ..؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق