قليل من الملائكة - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

السبت، 19 يناير 2019

قليل من الملائكة

-        سقراط الذي لقي حتفه بسبب خروجه عن المألوف.
-        ابن رشد الذي شرب العلقم بسبب ثورته علي آراء الأغبياء مَنْ معاصريه .
-        جاليلي الذي صلب وأحرق لأنه أكتشف أَنْ الأرض تدور .
-        لسان الدين الخطيب الذي أتهم بزندقة الحلاج
-        تولوستوي يصاب بالصداع لأنه يفكر ويتأمل .


-        فالجنون في حد ذاته هو سعي لتماهي العالم، والكون ؛غبطة ،وسعادة .
فالجنون هو:-  منارة للتميز، والدهشة، ولعل  الناسك في محراب القصة القصيرة  جدا القاص  عبدا لله المتقي مارس هذا الفن بجدارة القاص المحنك فشكل لنا صور غير معهودة في الجنون ،والإفصاح عن المسكوت عنه في سخرية محببة للقارئ العادي ،والمتخصص ،وجسد الانفعالات ،والأحاسيس ، داخل أعماق الشخصيات التي ألتقطها بعين المتفرس  ليكشف عن دواخلها وأحلامها وألمها  .

-        قليل من الملائكة مجموعة متضمنة  ستون  ومضة قصصية ،وهي نصوص مكثفة واعية قادرة علي خلق الدهشة في لوحة تجريدية بأسلوب مشرق وثَّاب نصاعة الصور المثيرة ،وجمال التقاط اللحظة  هما  محاولة للخروج عن المألوف ..
تبدأ المجموعة بمقدمة مميزة للدكتور عبدالمالك أشهبون الذي  قال: أن القصة القصيرة جدا فنا متقبلا من طرف قرائه، ومحبيه ،كتاب ومحترفون ومتخصصون في صنعته وإبداعه  ....... ثم يختتم مقدمته  فيقول : إن عبدالله المتقي ربح الرهان بإخضاع موضوعاته الشاسعة ،والواسعة ،والغنية لإستراتجية القصة القصيرة جدا ، وكان جد موفق في ذلك عن جدارة واستحقاق  .
-        ولعل المتقي قد تشرّب التفاصيل اليومية فجس بأصابعه مواقع النبض ففاض إبداعا آسراً ..فنراه في هذه الصورة  يجسد البعد الرمزي والبعد النفسي في نص"الشيخ والبحر " ص (53)
-        الجزيرة التي تضطجع هناك في البحر ،
وترفرف فوقها النوارس  ،
قالت للبحار العجوز:
-ألم يتعبك البحر ؟
تنهد الشيخ ثم قال :-
كم أنا متعب
تفحصته الجزيرة بحنو :
-        "تفضل لتستريح عندي بقية عمرك "
-        هز رأسه رافضا ،ولاذ بالصمت،
-        وتابع صيده العنيد ..
،وحين نتصفح  نصوص مجموعة قليل من الملائكة نجدها مرآه صادقة تعكس صور المتناقضات من واقع زاخر برؤى وأحلام عصية ؛صور بارا سيكولوجية مفعمة بالتجربة والحياة ، وفي هذه الصورة نري  تعامله ببراعة مرموقة مع الذات  في نص بعنوان  ذات ص (57)

ذات شتاء قديم ، ماتت زوجته بأنفلونزا الطيور
ذات ربيع أزرق ،عاد إلي بيته في الخامسة صباحا ،وبعض الزمان
ذات صيف حارق ،رمى نفسه من النافذة في الشارع الخالي
،وذات خريف حزين ،جلس قريبا من جثته يعوى  كما ذئب جائع ...
-        هنا يطرح القاص مسألة الوحدة والفراغ والرغبات المكبوتة .
-         
  ، وأختار لكم أيضا  نص معنون ب ( رحيل العمر ) ص (60 )والجميل في هذا النص هم الأحفاد ،وعالمهم البرئ .

ثمة ما يشبه الهيكل العظمي ، في زاوية معتمة .

ثمة أحفاد يتابعون بشغف شريطا للرسوم المتحركة ،

وثمة جدة " مفقوسة " ؛سبب لها النمر المقنع

خريفا غامضا..

وفي نص آخر معنون بكتيريا  ص (61) عنوان مستفز يتعرض فيه القاص المتقي لأسئلة  ،ويحاول أن يترك  علامات الاستفهام  هنا ،وهناك ..

قبل الصعود إلي خشبة التتويج ، شعرت ملكة الجمال بدبيب يوخز خديها
أمام المرآة :
كانت كثير من الجراثيم تنتشر علي بشرتها ، و..لم تصدق المشهد
أمام المرآة
رأت ما يشبه البكتريا الديدانية تآكل خديها
...
صعقت ،ثم كسرت المرآة .

وأختار لكم أيضاً  ما صاغته قريحة القاص عبدالله المتقي من خيال لطيف وعذب الصور الواقعية المدهشة مع عمق الفكرة وجلالة التصوير ..
قصة بعنوان لعب مخصي ص (63)

حين تقمص دور بروميثيوس علي هامش حفل آخر السنة ،ربت  أستاذ الإخراج على كتفيه بعد إسدال الستار ، ثم أهداه درعا تذكاريا وعلبة كاراميلا ..لكنه بعد حفل التخرج ، لم يجد خشبة تتسع للعبه ، فتقمص دور سيزيف ،وانخرط في تفاصيل الحياة .

وهنا امتزجت الانفعالات  بالأخيلة المثيرة للدهشة ،وعميقة الإيحاءات  .


ولعلّها الخاتمة! قد حاولت استخراج ما طاوعني من أوجه الجمال في قليل من الملائكة  وأمل أن أكون قد أحرزت شيئا من التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق