الشاعرة بدريَّة الأشهب - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

السبت، 10 أبريل 2010

الشاعرة بدريَّة الأشهب


هي ابنة برينيكى الدافئة ، بدرية الأشهب ، كانت ولازالت واحدة من بين النساء الشواعر والأديبات المميزات اللواتي تميَّزن بالتجديد والابتكار فتألقت واشتهرت فقد أبحر معها الأديب جمعه الفاخري في دراسة نقدية رائعة حملت عنوان ( الرومانسيَّة في الشعر العامي اللِّيبي، بدريَّة الأشهب أنموذجاً ) نشرت نتاجها  في كثير من الصحف والمجلات ، من بينها صحيفة العرب العالمية ، مجلة ( اجدابيا نت ) الإلكترونيَّة ، فضلاً عن صدورها في كتاب حوى أعمال الندوة التي أقامها المركز الوطني للمأثورات الشعبية بسبها سنة 2002 ، تحت شعار ( الأدب الشعبي ، حصيلة وآفاق) فلنبحر معه فقد قال عنها :
الإبحار الممتع في عوالم الرومانسية البهية، وفي فضاءات بدرية الأشهب وأكوانها ومجاهيلها ، وفي ثنايا ربيعاتها التي تقطر إدهاشاً وإبهاراً وإثارةَ ، هاهي وهي تتحدث عن بلادها "عروس البحر" تمنحها غفوةً فوق صدر المساء :
" غفت فوق من صدر المساء "
 لتحلَّ جدائلها شلالاً من نورٍ وشذىً وليحملها النجم وقد زيَّنت خصلاتُها بقطر الندى :
" وحلَّت جدايلها
شلال من نور وشذى
والنجم شايلهـا
زيَّنوا خصلاتها
بقطر الندى،
وكادوا عوازلها "
، وتغرق وتغرق معها بلادها التي أحبتها حبَّاً جمَّاً في رومانسيتها الهادئة المؤثرة فهي تراها :
" عروس البحر،
وطن الهوى والسحر
فوق المدى والشمس
تلقى منازلها "
ـ واللِّيل الذي يعدُّ مصدرَ إلهامٍ ورومانسيةٍ داعب نسيمه أطراف ثوب المحبوبة بلمسةٍ ، قبل أن يذوب هوىٍ وولوعاً وهو يهامسها مستغلاً سكونه المغري بالنجوى :
" داعب نسيم اللِّيل
أطراف ثوبها بلمسه
ذايب غلا وولوع
همس في خفا همسه"

وقد قال عنها الفاخري ملخِّصاً تجربتها الرائعة هذه الكلمات: " وخلاصةً للقول إن الشاعرة برومانسيتها الواضحة تعدُّ أنموذجاً مثالياً لمدرسة الرومانسيَّة في شعرنا العاميِّ التي بدأت تثبت قواعدها على أرضيةٍ صلبةٍ ، وتعلي أسوار بنيانها الشعري شاهقةً في انتظار من يقف أمام علّوه الساحر لاستظهار هندسته الراقية ومعماره البنائي الجذَّاب".

نماذج من شعرها:

تقول في قصيدتها ( نُقْطَةُ ضَعْفٍ ) :



قادر تعذِّبني وقادر تعفـي        عارف غرامك هوّ نقطة ضعفــي
تخشّ مــــــداري        تغيِّر قراراتي وخطّ مســــاري
قادر تطفِّيني وتشعل ناري        يذوب قلب فوق صدر اللِّيالي مكفي"
قادر تحدِّد وجهتي وأسفـــاري   تجرح وبكلمة حنونة تشفـــي
تحسب ليالي الشوق في انتظاري    وإن قابلتني شوق اللِّيالي تخفـي
ترصد عيونك خطوتي وأخبـاري    تجَّاهل وهو كتفك محاذي كتفـي
أنت طفل يعبث في اكتاب أشعاري    يسيب دفتره ويجي يخربش كفِّي
يضحك مع غيري يجيب سهاري     وين نبتعد يبكي ويمسك طرفـي
 مرَّة تكون البلســـــــم     جرحي وعذاباتي بكلمة تحسم
ومرَّات غامض في غموض الطلسم    تضيع أبجدياتي ويعجز حرفـي
بيديك فوق صفحة أيامي ترسم    دروب شايكة فيها نلاقي حتفي
نصدَّقك ساعة تجيني تقســم    نورد ونشرب من مناهل نزفي
ضعفـي كامـــــن       في وين ما لحظة بقربك نامـن
وين ما إيديك غفن في إيدي ونامن       نقول للزمان خلاص هذا يكفي
بيَّا المشاعر في الغلا يسَّامــن       يرتاح العنا مني وجفني يغفي
فجأة علي غفله بعد نطَّامــــن      تسحب ايديك ونار شوقي تطفي
لحظات من عمر الهوى ما دامـن      عطاك الغلا سلطة تقض وترفي
تخشّ إِحْسَاســـــــــي    وتحصي عَليَّا زفرتي وأنفاســي
تغزلني مراوح مِ الشعاع الماسـي   وتطلعني علي سرّ الغرام المخفـي
توسّدني ذراع النجم وقت نعاسي     وتسرد علي سمع اللِّيالي وصفـي
ومرَّات تلبسْ ثوبْ عابث قاسـي     تجَّهم وذايب في الغلاء مـن خلفـي
وتقبس لغيري نور من نبراسـي     وبسمة شماتة في عيونك تخفــي
وقلبك وعينك في الخفاء حرَّاسي      ويسرن قوانينك وتكســر عرفـي
تغوص أعماقـــــــي ...     وتزرع أنفاسك غيم في آفاقــي
وتزهر خمائل بالحساس الراقـي    ويبحر حنينك في شواطي طرفـي
همسك عصافير وخرير سواقــي   ازدانت روابي من غلاك وعطفـي
ومرَّات تخطف مِ الغروب إشراقي  تشرق شموسك في الغياب المطفي   
ومرات تذوي من جفاك أوراقي      وتذبل أثماري قبل موسمِ قطفي

وعن هذه القصيدة قال جمعة الفاخري:-

 "... تبقى هذهِ القصيدَةِ من أروعِ  ما أبدعتِ الشَّاعِرَةُ بدرية الأشهب من قصائدِ لجمالِ صورِها ، وازدهائِها بعواطفَ شَفَّافَةٍ لا تخلو من رفيفِ الرومانسيَّةِ الفاتنِ المتماوجِ بينَ إِشْرَاقَةِ اللحظَةِ الدَّافِئَةِ ؛ ومَسْحَةِ حزنٍ يلقي بظلالِهِ الرَّمَاديَّةِ على مساحاتِ القصيدةِ .. والقصيدةُ تعدُّ ـ بحقٍّ ـ أنموذجاً مِثَاليَّاً للقصيدةِ العاميَّةِ الرومانسيَّةِ بسببِ جزالتِهَا وشساعَةِ مَسَاحَةِ الحلمِ فيْهَا والخيالِ الجَانِحِ ، والعبارات المختارةِ بدقَّةٍ وعنايَِةٍ فائقتينِ".



ومن قصيدة ( الغريب ) الواردة بديوانها ( السبحة والمنديل ) فتقول :


يــا مدينة :

تقفل الأبواب
في وجه الغريب
شوارعها .. دهاليز
ومخابى
وليلها غايم كئيب
لا.. صوت موسيقى
ولا .. رفة وتر
ولا .. فوق من شباكها
طقطق مطر
ولا طويراتيتحاكن فوق
أغصان الشجر
ولا في الصباح الغض
غرد عندليب

يــا مدينة :
فوق من أعتابها الفرح أنجرح
ما أختلف حزن الغروب
عن أول خيوط الصبح
لادفا .. يسري
ف أوصال البيوت
لا.. في سماها
يلمع الياقوت

يــا مدينة :
نبض جدرانك سكوت
ضي مصباحك تراجع
فوق انقاض الفتيل يموت
صوت صمتك
في المسا موحش .. مريب
يــا مدينة :
قبل ما يهل الخريف
طاحت أوراقك
فوق الرصيف المهتري
مذبوحة  أشواقك
يــا مدينة :
تنكري .. بعد اكتمال
الحفل عشاَّقك
ينسحب ليلك
من عيون السهارى
وتختفي نجوم وأهله
في المدى.. وتغيب
معقولة نوقف ع لأبواب
ندق بيدي
يردّ لي
رجع الصدي
معقولة نوقف ع لأبواب
اندقّ بيدي
وكل دقه خفقه
من نبض الحشا
وبعد العنا
ما من مجيب
يــا مدينة :
وين سكانك
حنانك
رقه ألحانك
عبيرك ..عطر مكانك
انكسار الظل ف أغصانك
وأنسام المغيب
معقولة ؟
هاذا قلبك اللِّي كنت نسكن فيه
من وقتاً ... قريب ..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق