قراءة فى مدائن الحلم والرحيل - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

الأربعاء، 8 نوفمبر 2017

قراءة فى مدائن الحلم والرحيل

  " نصوص في عبقرية الحضارةوسيرة لجماليات المكان المدهشة"
(إلى رفيقة درب الإبداع وهجير الرؤى واشتعالالكلمات أهديك عبق المدائن المسكونة بالّدهشةِ والحلْم وعذابات الرحيل ) الأديبةنورا إبراهيم متمنيًا شرف القراءة والتواصل ..

 أحمد مزيد أبو ردن بتاريخ 23.8.2005 عَّمان. هكذا كان إهداؤه على كتابه ( في مَدائِنُ الحُلْمِ والرَّحِيلْ)
أحمد مزيد أبو ردن أديب وشاعر أردني لم ألتقِ به ؛ وإنما بعثه إلي مشكورًا معأحد أصدقائه .
الكتاب يحتوي على حوالي مائة وخمسين صفحة ..يقول عنه محمدالصوالحه في مقدمة الكتاب : ( أحمد أبوردن المرهف الشاعر والبدوي المتأمل والإنسانالنادر لتبقى مُشْعلاً وفاءكَ في هذا الزمن الذي عَزَّ فيه الوفاءُ والصَدق ،لتزدناطَيبةً ولتَبقَى شمساً تمنحنا ضياءَ الصدقَ ، ولتزدنا شموخاً، لا تنظر إلى الخلف ياصاحب الملك الضلِِّيل ، ولا تيأس من صلاح الدين الأيوبي فإنَّهُ آتٍ لا محالة).
فقرأته بتأني المتأمل محاولةً اكتشاف مَدائِنِ الحُلْمِ والرَّحِيل المدهش
!
واتفق مع صديقة محمد الصوالحة أن ما يشد انتباه القارئ في ( مَدائِنُ الحُلْمِوالرَّحِيلِ ) هو الوصف الدقيق لتلك المدن ، وتجربه أبوردن فيها من البتراء مئذنةالإنسان على جبين التاريخ ، و بغداد فضاء للشعر والنخيل والمطر ، وعن مشاهداتوذكريات كاتب عربي في النمسا ، وبكاء على أبواب الحمراء ، ولا غالبَ إلا الله ،والرحيل إلى مآذن قرطبة ، تنساب مشاهداته في خفة وسلاسة وعذوبة.. أبوردن كاتب مفعمبالتجربة والحياة ، يقول الكاتب ص (24) انتشيت بروعة المكان بحضور الحجر المتورِّدالمسكون بالرهبة والإبداع - واختار لكم أيضًا جزءاً يتجلَّى فيه انسياب كلماته أوبالأحرى انسياب وصفه الدقيق لمشاهداته في خفة وعذوبة ص (6(
 
هذا العبقالممزوج برائحة التراث والأسطورة ونشوة الحضارة الغارقة في ثنايا القرون الممتدةبعيداً نحو الوراء ،وذلك الشوق العارم سرها العميق ، لمعرفة ،حكاياتها التي طمستهاالأيام بصيرورتها ،وأخفتها نوائب الزمان وصروف الدهر ، ذلك التل الجاثم في مكانهالعالي الذي يرى من على بعد ، أي مدينة راقية قامت على جوانبه ؟ لو أن حجارتهالضخمة المتآكلة السنة تتحدَّث ؟ لنطقت بالعجب العجاب فهنا مراتع الذكريات ومسرحالأحداث والفعل اليومي...........
أبو ردن نقل بحنكة المحترف تصويرًا هائلاًومدهشًا للأماكن البتراء- ومدينة حسبان وعن أمير شعراء البادية الأردنية في القرنالتاسع عشر (نمر بن عدوان ) الشاعر الموهوب والفارس الذي تعرفه كل القبائل النازلةفي الأردن وفلسطين بقصة حبه لزوجته وضحا السبيلة التي أضحت على كل شفة ولسانويعرفها القاصي والداني - ووصف لنا   القلعة الخربة  وزيزياء- كما أن الشاعروالكاتب أبو ردن أرَّخ لنا أحساسة الصادق، وأحلام البدوي الأصيل، ورؤاه العصيةوعشقه المثقل بالشوق والحنين إلى تلك الأماكن التي ارتبطت بالتراث العربي الأصيلوتلك الصفحات النقية من الشموخ والمروءة والعظمة والعطاء الإبداعي الفني الكبير فيالشعر والتاريخ والخطابة وكان تصويره المدهش هو نتاج ترحاله المشبوب بالتأمل العميق - يشعر القارئ كأنه في فضاء بغداد بين أحضان الشعر والنخيل والمطر وعينه المتفرِّسةبملاحظة الأشياء القريبة إلى القلب والعين في مشاهدات وذكريات كاتب عربي في النمسا .
وفي خاتمة الكتاب نقف مع الكاتب علي أبواب الحمراء ..ولا غالب إلا اللهغرناطة الفاتنة التي هام بحبها الشعراء والعشَّاق والرجال الأنداد الشجعان - ثمنرحل معه إلي مآذن قرطبة ونقف على أعتاب جبل العروس في الجنوب الأندلسي ونستمع إلىسيمفونية العشق  فسلام عليك يا قرطبة أيتها الرائعة وسلام على الشاعر الرقيق الذيأمتعنا بروحه المرهفة قطعًا في كل رحيل اكتشاف جديد لمَدائِنُ الحُلْمِ والرَّحِيلْ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق