امرأتانِ ورجل - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

الأحد، 1 يوليو 2012

امرأتانِ ورجل



على تلك التلَّةِ المباركَةِ .. تحت شجرة الخروب .. صافحت عزيزةُ منصور بحرارة .. منذ الوهلة الأولى سرى بينهما حديثُ الهوى .. انعقد بينهما عهدُ الحبِّ من الوهلة الأولى .

أخذتِ الحياة تزدان في عيونِهما أكبر من المناظر التي يعيشان في أحضانها ..
تمتَّع العاشقان بالحبِّ الصادق .. لكنَّ الأقرباءَ فرضوا عليهما دون أن يستشارا .. يجدانهمن حولهما .. أرادوا لكلِّ منهما أن يرتبط بزواجين دون أن يحدِّدا مدى قناعاتهما فيهما .
لمنصور ابنة عمّ تدعى فوزيَّة .. كانت على قدرٍ من الجمال ولكن ..!؟ 
ـ ليس له أن يكون ضدَّ رغبة والده .. بالرغم من رغباتِ قلبِهِ ؛ وعذاباتِ حبِّه فقد تجرَّع كأس المرارة فاحتمل ما لا يحتمله الكثيرون.  
كان يؤثر الموتَ على الحياة .. لا بدَّ له من المواجهة .. ذهب إلى الحقول .. بودِّه أن يصرخ ليرتجف له هذا الفضاء الرحب .. هناك عند الصخرة جلس مع عزيزة .. أخذ يتأمَّل عينيها .. نظراته تدلُّ على القلق والخوف .. كان قد اصفرّ وجهه .. تراخت مفاصله .. علائمُ اليأسِ باديةٌ في عينيه .. بصوتٍ خفيضٍ ممزوجٍ بحزنٍ عميقٍ .. نقل إليها الخبرَ فوقعَ على عزيزة كالصاعقة .. لكنها أخفتها والهمُّ والحيرة تجلجلانِ في صدرها.  
احتفظت بوقارٍ جليلٍ .. لم تستطع أن تقف أو تتكلم أو تصمت .. مشت وكأنها تجمع أشلاءها ، وما هو إلا وقتٌ قصيرٌ حتى نقلت إلى المستشفى مصابةً بحروقٍ خطيرةٍ ..
اضطرَّ الأطبَّاءُ لإجراءِ عمليَّةٍ جراحيَّةٍ لها لإزالةِ قطعٍ كبيرةٍ منَ الجلدِ المحروقِ ..
عندما أُجريت لها أوَّلُ عمليَّةٍ لزرعِ الجلدِ .. تطلَّبَ الأمرُ كثيراً منَ الجلدِ بسببِ اتِّساعِ الأجزاءِ المحروقةِ
.. كانت فوزيَّةُ أوَّلَ من استلقت على طاولة العمليَّات .. أتمَّت عمليَّة زرع الجلد عدَّة مرات .. تمَّت كلُّها بنجاحٍ كبيرٍ ..
همست عزيزةُ لنفسِها : " لقد ولدت مرةً ثانيةً بفضلِ تضحيتِهَا .. لا أعرفُ كيفَ أردُّ لها هذا الجميلَ .. هل بأنْ أتنازلَ لها عمَّن أحبُّ ، أو أنْ نتشاركَ فيهِ معاً ..!؟ ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق