اختفاء - أصابع المطر

أصابع المطر

مدونة الأديبة الليبية : نورا إبراهيم

الأربعاء، 14 فبراير 2018

اختفاء

ـ الرياحُ الباردة تفترس وجهه .. رائحة المطر .. الرصيف المبلَّل .. كان يقطع الشارع المظلم ذهاباً وإياباً .. برغم أنَّهُ لم يكن من النوع القلق .. لم تكن لديه أفكار على الإطلاق ..
رآها.. نعم رآها .. إنها هي ..؟
كانت قامتها ضئيلة قصيرة برغم امتلائها .. بسيطة في كل شيء .. شعرها .. ملابسها .. حتى حذاؤها .
وقفت .. استدارت من جديد .. عبرت الطريق .. لم تره أو تشعر به ..
جلست بين شجيرات الأكاليل المبلَّلة .. مسحت عرقاً حول عينيها الضيقتين ..
اقترب منها ببطءٍ .. مسحت بعض آثار الدموع على وجهها الملئ بالنتوءات الشاحبة .. تركت لخيالِها العنان .. أخذت تنظر إلى الأغصان وإلى السماء الشاحبة حتى عاد إليها تنفُّسها الطبيعي بالتدريج.

وقفت فجأة ونظرت إليه بذهول .. كان المشهد فوق احتماله .. لا يشعر فيها إلاَّ بالثورة التي تملأ نفسه  فداهمته بعض الأفكار .. احتواها .. احتضنها .. همس في إذنها: ما بكِ يا زكيَّة ..؟ ـ قالت بصوتٍ محمومٍ محتبسٍ ملئٍ دمعاً وهلعاً: أحسُّ الكلمات تحتضرُ في قلبي .. أحسُّهَا مخضبةً بالدماءِ .. خاويةً من كل المعاني .. إنني أبحث عن شيءٍ ما ..  شيءٍ يختمرُ في أعماق الليالي الباردة .. والأيام التي شاخت فَتَجرَّدت من الدفء ..
قال لها: زكيَّة ، ماذا أصابك ؟..
ـ عزيزي ، إنها نار الحب والانتظار والخوف .. 
ثم انتفضت فجأة .. غادرته بخطىً سريعة .. بدأت في هيأتها إنها تتحرَّك بحركة ثقيلة محمولة .. وكأن الليل ابتلعها .. ليله قرٌّ .. والنجوم تظهر وتختفي على صفحة السماء الشاحبة ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق